صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
عرف ملف الصفقات العمومية المشبوهة بجماعة بني ملال تطورات متسارعة خلال الساعات الماضية، بعدما قررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بناءً على تعليمات صادرة عن السيد الوكيل العام للملك، إحالة 15 متهماً على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، في حين تقرر تعميق البحث في حق كل من المقاول (س.ص)، المعروف بكونه ابن شقيق أحد كبار أباطرة العقار بالمغرب، والمتهم (س.م).
وفي ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء 20 ماي 2025، قرر قاضي التحقيق متابعة رئيس جماعة بني ملال السابق، أحمد شدا، في حالة اعتقال احتياطي، إلى جانب مهندس معماري وصاحب شركة للنظافة يدعى (أ.ح)، وذلك بعد مواجهته بالمقاول المعتقل سابقاً المدعو “بيكترا”، والذي يقضي عقوبة بالسجن مدتها ثماني سنوات، على خلفية قضية فساد مرتبطة بالمجال نفسه.
كما قرر قاضي التحقيق متابعة أحمد بدرة، الرئيس الحالي للجماعة، في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 50 مليون سنتيم، إلى جانب عشرة متهمين آخرين، بينهم موظفون جماعيون، مستشارون، مقاولون، وممون حفلات، حيث تقررت في حقهم تدابير احترازية في انتظار ما ستكشف عنه مراحل التحقيق التفصيلي المقبلة.
وتتعلق التهم المطروحة على المتابعين بـ تبديد أموال عمومية، واختلالات في تدبير صفقات مرتبطة بمشاريع التهيئة الحضرية، الإنارة العمومية، تدبير قطاع النفايات، اقتناء معدات وتجهيزات، بالإضافة إلى تفويتات عقارية غير قانونية، وصفقات تخص السوق الأسبوعي ومرفق نقل اللحوم.
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد أنجزت مسطرة البحث التمهيدي تحت عدد 323، حيث استمعت للمعنيين بالأمر، وجرى سحب جوازات سفرهم كإجراء وقائي، تماشياً مع تعليمات النيابة العامة.
وحسب معطيات حصلت عليها “صوت العدالة” من مصادر متطابقة، فإن هذه القضية تأتي في سياق تقارير سابقة صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، سجلت عدة اختلالات في تدبير الشأن المحلي بمدينة بني ملال، خاصة خلال فترة تولي أحمد شدا رئاسة المجلس الجماعي.
ويُذكر أن المحكمة الدستورية سبق أن أصدرت قراراً نهائياً يقضي بعزل أحمد شدا من رئاسة وعضوية جماعة بني ملال، بناء على طلب وزير العدل، بعدما ثبت ارتكابه لمخالفات قانونية وأخلاقية جسيمة في تدبير المرفق العام.
هذا ويأتي الملف الحالي في سياق زلزال قضائي يضرب الجماعات الترابية، شبيه بما حدث بإقليم الفقيه بنصالح، حيث يتابع الوزير والبرلماني السابق محمد مبديع في قضايا فساد مماثلة، ولا يزال رهن الاعتقال بسجن عكاشة، ما يبرز توجهاً قضائياً صارماً لمساءلة المتورطين في تبديد المال العام.
ويتابع الرأي العام المحلي والوطني تفاصيل هذه القضية باهتمام بالغ، في انتظار استجلاء باقي خيوطها، والكشف عن مسؤوليات كل الأطراف المتورطة، وسط توقعات بتوسيع دائرة التحقيق لتشمل ملفات وصفقات أخرى.