الرئيسية أحداث المجتمع الصحة المدرسية بين القوانين و التفعيل و غياب المصحات المدرسية يعوق تحقيق الأهداف

الصحة المدرسية بين القوانين و التفعيل و غياب المصحات المدرسية يعوق تحقيق الأهداف

كتبه كتب في 15 ديسمبر، 2021 - 7:50 مساءً

الحقيبة الدوائية تبقى حبيسة رفوف الإدارة التربوية

خولاني عبدالقادر

        خلال كل دخول سنة دراسية تتخذ وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة ، تدابير الصحة العمومية و الاجتماعية على نطاق واسع، ، و هذه السنة عملت الوزارة على تلقيح التلاميذ من انتشار فيروس كورونا-سارس-2 المسبب لمرض كوفيد-19،في إطار حملة وطنية كانت ناجحة و فاعلة بامتياز للتلقيح ضد الفيروس.

ليطفو من جديد على السطح دور الصحة المدرسية في المجالات الوقائية و العلاجية ، و ذلك من خلال مجموعة متكاملة من المفاهيم و المبادئ و الأنظمة و الخدمات التي تهدف بمجملها إلى تحقيق الرعاية الصحية حسب أعمار المتعلمين ، و تعزيز الوضع الصحي في المدارس العمومية و الخاصة و بالتالي في المجتمع، لتحقيق مجموعة من الأهداف بمشاركة كل المتدخلين ابتداء من التخطيط و التنفيذ و المتابعة للأنشطة و البرامج الصحية ، من أجل الرفع من مستوى الوعي الصحي و البيئي للتلاميذ ،  وللنظافة الشخصية و العامة في المدارس ،  و كذا  تحسين الوضع الصحي و الغذائي ، و العمل على تحسين البيئة المدرسية و المرافق الصحية و متابعتها، فضلا عن تحديد أولويات الاحتياجات الصحية بمشاركة المجتمع المدرسي، و تفعيل دور الأسرة و المؤسسات التعليمية….

        وعادة ما يتم التنسيق مع وحدة صحية ملحقة بوزارة الصحة من أجل برمجة أنشطة بهدف حماية و مراقبة صحة التلاميذ و محاربة الأوبئة ، و تتبع الأمراض المعدية ،  العملية التي تتم تحت إشراف مصلحة الشؤون التربوية و مكتب الصحة المدرسية ،تهم بالأساس الأطفال المتمدرسين ،فضلا عن تتبع تنفيذ البرامج الوطنية للنهوض بالصحة المدرسية ، داخل المؤسسات التعليمية  أو في المراكز الصحية، و تخصص لهذه العملية وسائل و موارد بشرية و مادية هائلة لضمان وقاية صحية تحمي جميع المتمدرسين ، بحيث تقوم هذه المكاتب و المصالح بتقديم الخدمات و التوعية الصحية لتحقيق الأهداف المسطرة ، فضلا عن تنظيم و إعداد و تنفيذ برنامج العمل السنوي بتنسيق مع الجهات المعنية حول القضايا المرتبطة بالصحة المدرسية و الوقاية الصحية،لتحصين التلاميذ من الأمراض و الأمراض المعدية ، بإجراء الفحوصات الضرورية و متابعة علاج الحالات المرضية و تقديم الدعم اللازم لها ،والإشراف على تدبير الدفاتر الصحية المدرسية للتلاميذ من حيث الاقتناء و الحفظ و التعبئة و متابعة تغطية حملات تلقيح التلاميذ و فحوصات التقصي بالتعاون مع وزارة الصحة والمؤسسات غير الحكومية و رصد الإصابات و الحالات المرضية و متابعة التحويلات للعلاج و تتبع ملفات الحوادث المدرسية بجمع المعطيات حولها و استثمارها واقتراح الإجراءات الكفيلة لمعالجتها و الحد منها و تقديم الأدوات المساندة للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ، بهدف بناء مهارات تمكنهم من التعامل بفعالية و إيجابية مع تحديات الحياة اليومية و تعزيز المعارف و التوجهات و السلوكات الصحية لدى التلاميذ من خلال المناهج و البرامج و الأنشطة التي تتضمن التدريب المستمر للفئات المستهدفة ،فضلا عن  إحياء المناسبات الوطنية و الإقليمية و العالمية ، و المشاركة في حملات التوعية و إنتاج المواد التثقيفية و متابعة تفعيلها في المدارس و التركيز في البرامج الصحية على تعليم المهارات الحياتية ، بهدف تبني التلاميذ نمط حياة صحية سليمة، داخل بيئة صحية معززة للعملية التعليمية من خلال تتبع أنشطة المراقبة الصحية لمؤسسات التربية و التعليم العمومي ،و كذا لمؤسسات التكوين ، فضلا عن المراقبة الصحية و الطبية للداخليات و المطاعم المدرسية ، و تحسين البيئة المدرسية كالحدائق و المرافق الصحية و إجراء أعمال الصيانة وفق معايير البيئة الصحية المدرسية ، إضافة إلى إنشاء و تفعيل الأندية الصحية و البيئية المدرسية، وتدريب التلاميذ وفق نهج (من التلميذ إلى التلميذ) لزيادة الوعي الصحي و البيئي و تعزيز السلوكيات المحافظة على الصحة و البيئة ، إلا أن هذه الأنشطة عادة ما تبقى حبرا على ورق ….

       وتماشيا مع استراتيجية وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة ، عادة ما تعمل الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين و المديريات الإقليمية للتعليم بتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين على  تحسين الوضع الغذائي للتلاميذ و بناء سلوك غذائي سليم، يشمل تتبع أنشطة المراقبة الصحية و المراقبة الطبية للداخليات و المطاعم المدرسية ، مع تحسين الوعي الغذائي و نوعية الأغذية المقدمة للطلبة،و متابعة مدى مطابقة و التزام المقاصف المدرسية للمعايير الصحية الوطنية، فضلا عن التنسيق المستمر مع مقدمي الخدمات الصحية مثل وزارة الصحة والمؤسسات الغير الحكومية، فيما يخص تنظيم حملات للفحوص الطبية لتلاميذ الابتدائية والإعدادية إلى جانب تلاميذ التعليم الأولي…. وعلى رأس ذلك ضعاف البصر المحتاجين إلى النظارات وحالات تسوس الأسنان المبكر لدى الأطفال والذي قد يتسبب في أمراض مزمنة (كروماتيزم القلب) و لمنع انتشار كوفيد-19،……

وتعد الفحوصات الطبية المنتظمة من الأنشطة الأساسية المدرجة ضمن البرنامج الوطني للصحة المدرسية، والتي تهدف إلى فحص التلاميذ وتشخيص الحالات المرضية، لتتبعها بالعلاج والتدخل الطبي المبكر. إلا أنها تكاد أن تكون منعدمة …. 

     ولوقف الاختلالات الصحية التي تهم المدرسة المغربية ،شرعت الوزارة منذ الموسم الدراسي 1999/2000 في تنظيم العملية وفق خطة جديدة، وحددت لها ثلاثة أهداف، وهي استفادة كل الأطفال المستهدفين من الفحوص، ومراقبة مواعد تلقيحات الأطفال، وتعبئة الملف الصحي. كما جاء المشروع E1P13 من المخطط الاستعجالي بتدابير وإجراءات كثيرة لأجل تقوية خدمات وأنشطة الصحة المدرسية والأمن الإنساني في الوسط المدرسي ، العمليات التي تتم تحت إشراف المديريات الإقليمية  للتعليم و بمشاركة أطر تربوية وأطر الصحة المدرسية، والسلطات المحلية وأسر التلاميذ…. حيث أنه خلال الموسم الدراسي 2010/2011 تم تزويد المؤسسات التعليمية ببعض الأدوية خاصة بالإسعافات الأولية إلا أنها تبقى حبيسة الحقيبة الدوائية بالإدارة التربوية ، لعدم دراية هذه الأخيرة بطرق استعمالها ، في ظل غياب تام لمسير المصحة المدرسية ، الذي تواجده أصبح أمرا ضروريا للمراقبة الصحية للتلميذ(ة) خاصة في ظل وباء كورونا ، و مساعدة في سن المراهقة ، خاصة منهم من هم في حالة التفكك الأسري ، الذي يكون أرضاً خصبة لدخوله عالم الانحراف لعدم وجود من يهتم به ، وأول من كان سيكتشف حالة هذا التلميذ/التلميذة ، هو المكلف بتسيير المصحة المدرسة ، حيث من خلال مظهر المتمدرس يتضح أنه يعاني من أمراض معينة ، أو لا يوجد عليه رقابة منزلية وأن هناك ما يشغل باله ، في هذه الحالة لا يقل دور مسير المصحة المدرسية عن دور الأخصائي الاجتماعي وسيكون هو الوسيط الجيد ما بين أسرة التلميذ وإدارة المؤسسة ، مما يتطلب إحياء هذه المصحات المدرسية لتساير البرنامج الوطني للصحة المدرسية ،التي تم تغييبها رغم المراسلة الوزارية رقم 152578 بتاريخ 12/11/1991 ، المتعلقة بالنهوض بميدان الصحة المدرسية ، التي لا يمكن تحقيق غاياتها و أهدافها المنشودة ، لأن المصحات المدرسية  مكون أساسي في حياة المتعلم لضمان أسباب المساعدة على النمو السليم للتلميذ من اجل تحقيق التعلم في ظروف صحية مناسبة ، علما أن ضعف الصحة المدرسية يصبح ركنا إضافيا يؤثر سلبا على أداء المتعلم وعلى المنظومة التربوية عامة ،  حيث إن وجدت ، ستلعب دورا كبيرا في الحياة المدرسية ، بخصوص  الإسعافات الأولية لبعض الحوادث التي تحدث للتلاميذ و الأساتذة داخل المؤسسات التعليمية وكذلك في متابعة الحالة الصحية والنظافة الشخصية للتلميذ و ما يعانيه من مشاكل أسرية أو اضطرابات جسدية و نفسية …

        وعليه فإن الصحة المدرسية خاصة في ظل استمرار الجائحة تحتاج إلى رؤية جديدة في التعاطي مع صحة المتعلم، و أن لا تبقى حبيسة المذكرات الوزارية و التظاهرات و الندوات داخل المقرات المغلقة ، حتى تلعب كل من وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة و معها وزارة الصحة دورهما في خدمة المنظومة التربوية ….

مشاركة